dimanche 15 mai 2016

تُغرد وحيداً



لم يعرف أنها ستنشد اليوم , لم يدرك أنها على خشبة المسرح . فلثوانِ غاب عقله , من وراء ستار أسود خرجت بوجهها الذي شابه سحب الربيع , لتزيح ما في قلبه من شوقٍ له . كاد ينسحب من مقعده ليجلس تحت قدميها فينصت لما تبعثه أحبال صوتها الدافيء . تنحي هي للجمهور , لتتعاكس أقدامها و تمسك بطرف الثوب حتى باتت أمام عين عاشقها طير تحمله أجنحته لتطوف به في السماوات العلا و حينها أزادت لهفته و هزلت قوته و ساد صمته . يُعزف الكمان من وراءها ليحييها و قاد خلفه أوتار جيتار ترتعش حباً و طبول تخفق إعلاناً عن قدوم قديسة منشدة لأرق الكلمات . صفق الجمع الغفير طويلاً و لم يطل بعدها حتى يعلق في آذانهم فقط تغريد هذا الطير الذي كاد تمسك صيحاته قطعة من الجنة .. الاهتمام على وجوه الحاضرين , العشاق يتهامسون أما العشق ذاته ينتظر حتى تأذن له سيدته من على المسرح أن يعبث بقلوبهم . بدأت الآلات تهمس ثم تتعالى رويداً رويداً حتى وُلد صوتها من جديد .. كان متحيراً .. يا له من مسكين .. لا يعرف أيتأملها في ذاتها أم يذوب في رحابة صوتها الصافي ؟ عطر الكلمات يطوف و هي ما زالت تغرد .. لم يقوى على الاستمرار و هو يرى هذه الجنة و هو مكتوف الايدي .. فهرول من صفه و قيد يديه بسلاسل عبادتها و حرست عيونه إيها فلم تخدشها عيون الكافرين بصوتها و لا الحاقدين .. أما البائس البعيد بات الآن راهب شريد وله بقديسته .