vendredi 17 juin 2016

أهل الجنة الملحدين



_الآن قد وصلنا أخيرًا إلى ما سعينا إليه طويلًا يا فريدة .. هل تعرفين أنني لم أشك لحظة في زيارتي لها المكان . 
هل تسمعين تلك الهمهمات التي تحيطنا .. من أين ينبعث النور .. لم أظن أنني سأحتفظ بك بي
 الآخرة .
_ الآن و فقط أيقنت يا ياسين أنني لم أغادرك ، أنتظرتك على عتبات الجنة لأشهد ربي أني في دنيا لم أرد سواك ، نسيت هنا كل شيء نال مني في الدنيا .. أنساني هذا الشخص هناك .. تراه ؟
_ هذا هو من امتطى مهره و أسرع به مخترقًا جمع من الناس  و على حوض من بئر أخذ يصب لي في
كأس لم آلف شكلها من قبل ، هل يمكن لرسول خادم في الدنيا أن يظل عبدًا لمن خانوه مرارًا في دنياهم ، لم اتذكر الكون و من المفترض أن أنساه كما قال ربي .. لقد نسيته و فررت فعلًا من كل ذنب اقترفته ..
نظرت لأمي فتذكرت غضبي منها و أخذت هي تهرول ورائي لتظفر بسيئة مني تنال بها الخلاص من
عذاب آبدي ..
_ لم أغفر حينها لأبي .. أذكر حينها أنه جاء ملطخ اليدين و أراني العدل عذابه .. كنا على شفا الحفرة
تحترق عيون من هول المشهد ، استمسك بآخر رمق في روحي الغافرة فلم أجد منبع واحد .. سألني حينها ربي إن كنت سأعفو أم سأتركه لعدله و فضل رحمته .. لم حينها أغارت علينا النفس المتلذذة يا ياسين .. رأيت من قتلني و ابتسم و هو يقلب كل ثانية مصدرين صراخ يعلو .. لماذا لا يعتادون العذاب .. لقد شعرت بنفسي شيطان حينها و لكن هل يدخل الشيطان الجنة ؟
_ كثيرًا ما يطلب الناس في الدنيا العدل و القصاص ، و لكنهم ينسون العفو و الرحمة .. هل سبقت
رحمتك غضبك .. إذن لم لسنا معًا هنا الآن .. لم فرقت بيننا ... لنتعارف أم لنتعارك و يكون للنار نصيب من أجسادنا .. لا يجدر بي يا فريدة أن أغضب و أنا في نعيم .. النسيان تعتقدين انه نعمة أهل الجنة ؟
_ اقترفوا من الذنوب ما اشتهوا و لم يخشون ربهم ... عقابهم ليس فقط على تعذيب نفوس بريئة بل على
 فنائهم في نشوة معاصيهم .. لم جعلنا الله نمر عليه و لم يجعلنا نهون من عذابهم بكوب من هذا النهر الذي لا اتبين له طول .. لم لم نبدأ في الآخرة فتصبح هي الأولى و  الأخيرة .. نحاسب في التو و اللحظة دون  خوف و لا جهل بمصير محتوم لا نبصره .. خذ هذا الكأس فلقد سأمت هذا الطعام .. نريد لذة جديدة ..
_ هل سيدعنا الله نقول ما نشاء .. هل تغلق أبواب الجنة كالقلاع فلا يمكن لمن في الجنة مغادرتها للجحيم ، هل انتهى الحساب يا ياسين ؟ هذا الحساب لا يليق بنهاية آبدية ... دنيا عمرها لا يُحسب أمام عمرنا
الذي لا يرتفع مهما هرمنا ... لماذا لا نهرم .. لماذا لم نعد نخشى شيئا ... لم نعرف التوبة .. جاءني قبل
رأيتك ربي و قال و أنا مع جمع من الناس و سألنا ماذا تريدون ؟ .. لم يرد أحدهم شيئا قلت له دعني فقط
 يا الله لا أسأم من نعيمك و سلني دائمًا و لا تغيب عن نظري .. لم أكن حينها أدرك ما أفعل .. الله الذي لا خالق بعده و لا قبله يحدثني .. هل أنا نبي ؟  سيكشف حجابه عما قريب هذا ما وعدنا به .. و لكن هل فعلًا هذا يرضي فضولك يا فريدة ؟
_ دعنا من هذا ، سأخذك ناحية آدم. و ضلعه ... دعنا نتحدث معهم قليلًا .. هم هناك هل تراهم .. تحت
 نفس الشجرة و لكن ثمرات الشجرة هذه لا تنتهي على ما يبدو .. شجرة بدون ظل لا تشبه شجيراتنا في
الدنيا ... آدم لا يشبه من في مخيلتي و لا حواء .. ظننتهما أكثر جمالًا .. لكن ما أدراني فنحن هنا لا نشيخ و قد يقتصر الأمر على مجرد كونهم نائين .. الكل يلتف حول محمد يتسامر و يتركون آدم مع حوائه .. ترى البهجة في عيونهم .. أرى دموع فيها و فم لا ينفك يتكلم منذ آخر مرة رأيتهم فيها عند الحوض معك يا
ياسين .
_ السلام على أول من وطأت روحه الجنة ... السلام عليك يا من جعلتنا نحيا في دُنياك ، جعلت أولاد
 يتقاتلون من أجل معصية ... لا انتظر ما ينبغي أن أقول هذا إليك .. قال الله أنه سيعلمني كل ما اختلفنا فيه في الدنيا و لكني حتى الآن في جحيم الاسئلة .. متى سنعلم .. و حين نعلم ما الجدوى من معرفتنا تلك ،
لن نغير شيئاً سنبقى هنا و أحباءنا العصاة يصدرون صرخات تدوي  في الكون الآخر .

_ يا لي من مغفلة مثلك يا حواء ، انتظرتك طويلًا لأخبرك من إفترائهم عليك ، اعلم أنك لم يمسسك

 شيطان و قد وسست لنفس آدم فقط ... انزلك الله لتكون سكينته بعد معصيته .. انزلك من روحه الله ، أما جسدك فنبت من ضلعه .. أليس هكذا ؟ لم لم تصرخين حين أذنب زوجك و تبرأتي منه فلم تنتفعي
 بشئ من هذا كله سوى عذاب في الدنيا و خوف من عذاب آخر يبدو لي حتى الآن أنه ابدي .

سكني و سكينتي ..



لا أدرك لك كلمة تفيك مقدار ضئيل مما يحمله فؤادي..سأكتفي ب( يا سكني و سكينتي ) ..
الرسالات تهون عليّ آلم الإغتراب عنك .. فقد بتِ موطني , فمهما اتسعت أرض الله و لم نجد لها أفقاً سرتُ هائماً إليك بإشتياق . ألعن مع كل خفقة يخفقها قلبي إبتعادي عنك , و أسب كرامتي التي حالت بيني و بين لمسة أطراف أصابعك . لم أكن أعني من سفري هذا أن ابتعد , فلم أجد سبيل لإسعادك سوى النأي بنفسي . لِم صرت بهية يا نبية .. لِم لا أقوى على مغادرة أضغاث أحلامي التي أفتعلها عقلي ليزورك كل ليلة .. لِم لا تبعثي لي بخطاب يأنس وحشتي و يبعث بي في ملكوت سكينتك .. لِم لم يخلقنا الله في كونٍ آخر بلا دنيا و لا أخرة , نعبث كما شئنا .. نلهو و ننهك بعض متسارعين كهؤلاء الأبطال على شاشة السينما الذين ينعمون بنومٍ هانيء لا ينغصه سوى خيال مريض يهوى القبيح . لا تبعثي لي برسالة , كفاني من عيونك تأمل حروفي الضحلة لتستحيل لمقدس يحرم المساس به . الأميال بيننا تذوب بمجرد نداء منك لراجٍ مثلي .. فلا تقسِ عليّ بتجاهلك ..