lundi 20 juillet 2015

تشوش كلي في الكلية !!

آراء مشوشة
في يومٍ , لم يختلف البتة عن باقية أيام الأسبوع , باهت يمر على الجميع دون أن يتحسس نسيمه . تأملنا الشمس المجتجبة وراء ستار السحب و الضباب الذي كسى الشوارع , فلا تتمكن من تبين عقلة أكبر أصابعك حجماً و طولاً . الضباب يشبه تماماً حال موطننا , و المفاسد قد ملأت تربتها الخصيبة حتى وصل لأن يستعجل الملحد منا قيام الساعة و يظن المؤمن أنها قامت و الحساب قد انتهى و ها نحن في جحيم النار لا تدرك فيها إلا وجوه المنافقين و أفواه الكذابين و وضاعة الانتهازيين و نهم الطماعين . سار الحوار في سبيل التقليدية , لا نطرح أي نقاش , مجرد كلام من يمين الطاولة يثب لأقصى يسارها دون أن يكترث به عقل أحدنا . نقاش لم أُبدي أثناء طرحه أي اهتمام فقط تتغير ملامحي لتعلن عن تعاطفي مع من يطرح موضوعاً , حتى أطلقت واحدة سؤالاً أشبه بطرق طبول الحرب , أو كانتهاك لمعاهدة سلام بين قوتين عُظمتين ....
( حد شاف الفيديو بتاع داعش ؟! ) , حينها برز ما أخفته النقاشات السطحية . و مِن الفتيات مَن أجاب بنعم معبراً بلغة جسده عن مدى قسوة المشهد و منهن مَن أوصدت الباب و لم تُعر الموضوع انتباهاً و لا اكتراثاً . و دار السجال , كن يتبارين في توضيح وجهة نظرهن للحادثة , لم أجد في طرحن أي نظرة عميقة و لكن سطحية الموضوع جذبتني رغم عني , فالدماء المراقة أحياناً تجذب عين الانسان أكثر من لوحات تحمل في طياتها أبهى الألوان و أروع المشاهد . الحوار بدأت وتيرته تتصاعد و أخذن يطرحن أسئلة جميعهن يدركن أجوبتها و ها هي بعض النماذج :
_ الناس دول مش مسلمين , إزاي واحد يقدر يذبح بني آدم بكل سهولة كده !
_ما هو أصل المصريين دول ملهمش ثمن لا في بلدهم و لا في غيرها .
_آه و الرئيس بتاعنا مش حيعمل حاجة .
_ الله يصبر أهاليهم , مش متخيلة أهاليهم شعورهم ايه و هما بيشوفوا ولادهم بيدّبحوا قدام عيونهم .
ثم أخرجت واحدة هاتفها من حقيبتها , لكي تشاهد الفيديو المزعوم و بدون أي توتر يظهر , تأملت الذبح بملامح جامدة دون أن تذوب الفطرة العاطفية في ملامحها , نظرت للمذبح ظنأ منها أنه عيد الأضحى .

استمر الجدال حتى مال إلى الجدل , لم أجد من تواجدي في خضمه جدوى , فلم أرد أن اكون صفراً على اليسار و بينما شرعن في إلاقاء التهم على من بيده الأمر , و شعور مصر بأنها لها دو ريادي في المنطقة بل و في العالم فهي الممثل الأول و الأخير للدولة المضطهدة . قاطعتهم ز احتدت نبرة صوتي فجأة ( هو احنا ليه دايما بنلعب دور المظلوم ...آه مصر ... نقعد نقول اسرائيل و أمريكا و كل الدنيا ضدنا ) ... قلتها للمرة الأولى فلم يستوضحن صوتي وسط ضجيج النقاش , فقمت بإعادة نفس الجملة و قد قلت حدتها . فأعارنني انتباهاً و كأنني أعلنت عن خبر وفاتي , و بعد تفكر و استعياب استمر لمجرد لحظات , سارعن في الرد هلى هذا الشيء الذي شابه الطائر المغادر لسربه ....
( _ ايوه طبعاً , أنت العالم بيحاربك , أنت الجيش الوحيد المتبقي دلوقتي )
(_و بعدين دول بيقتلوا و أنت عارف أن امريكا وراهم و بالتالي اسرائيل )
و بكل ثقة جاء ردي : ( أنتوا ليه معتبرين دول مش مسلمين ...دول مش بني آدمين أصلاً , بس على فكرة ده مش غريب على الإنسان كلنا عندنا منطقة سودا بتبرر لنا أفعال الشيطان نفسه يخاف يعملها )
تربصت و انتظرت فأنقضت بسؤالها ( يعني أنت تقدر تدبح و تحرق زي ما هما عملوا بدم بارد ؟ )
و على الفور جاء ردي : ( أكيد ...أبسط حاجة افتحي صفحة الحوادث هتلاقي اللي أصعب من ده .." مثلاً واحد قتل مراته و ولاده , و التانية حرقت جثة جوزها بعد ما طعنته عشر طعنات بالسكين ")
حينها , جاءت الأخرى و غيرت مسار الحوار الذي شابه الأحجية فاقدة الشفرة و قالت :
(_هو كده بقى القيامة حتقوم قريب , أنا حاسه بكده )
فنظرت إليها و قلت ساخراً : ( _ آه الاسبوع اللي جاي على طول ) و ثم تابعت ( مش هي دي النهاية ..... مش قلتكم احنا ضعفاء )
قالت أحدهن : (_اللي حولينا هما الأقوياء )
قلت : ( _لا أنتي عارفة هما أقويا ليه ؟ عشان إحنا مفكرناش غير في اننا نكرر قصة ضعفنا و اضطهادنا )
قالت واحدة منهن : ( بُص , زي ما قالت كده هي القيامة قربت تقوم , احنا حندخل حرب و نقضي على الارهاب و نعمل تحالف عربي كده و نروح نحرر القدس و نقضي على اليهود فالقيامة تقوم )
وقتها لم يحضر في ذهني إلا سذاجتي التي سيطرت عليّ قبل أن أحاول فهم موضوع " القدس و علاقة اليهود بأرضها " , فاستيقظ لساني و تمرد على سكوتي و تحدثت :
(_بس هي ديه الدنيا , ده طموحنا نحرر القدس و نخلص على اليهود ؟! )
فأشعلت ناراً و أججتها بإجابة بمثابة سؤال : ( أنت طموحك ايه ان شاء الله , المفروض يبقى ايه ؟ )
فرددت و عاد صوتي يستعيد نبرته المحتدة : ( _ طموحي أني أعيش بني آدم زي أي بلد محترم , أكُل كويس و أشرب و أعيش بأبسط حقوقي )
(_ده مش شيء مفروغ منه , ده حقك مش طموح , و بعدين احنا بعد ما نعيش كويس حنعمل  ايه ؟)
(_بس ؟! ده دورنا هنا في الدنيا ... القدس مش قضيتنا الأزلية ... و لو بصينا على تاريخ القضية تبان حديثة ) و أردفت ( قيامة ايه اللي مرتبطة بتحريرنا للقدس )
(_القرآن هو اللي بيقول ...أن لما نحرر القدس و نقضي على اليهود.... تقوم الساعة و دي من علاماتها )

(_قرآن ايه سيادتِك اللي بيقول كده ؟ )
ضحكن جميعهن و كأنني أطلقت لساني ليذيع عليهن أطرف النكات . فحاولت أن استوعب هذه الضحكات التي خالطتها نبرة استهانة و تابعت متساءلاً ( _ هو القرآن ده نزل امتى ؟ ....من 
زمان يعني قبل ما اليهود يحتلوا فلسطين .
فجاء رد إحداهن و بات مقنعاً : ( ما هو ده الاعجاز , ربنا عالم الغيب , بُعد النظر يعني ) 
تداركت نفسي و أوضحت ما اردت إيصاله : ( _ أنا عموماً مش شايف أن صراعنا مع اسرائيل صراع ديني , و لا صراع وجود زي ما بيتقال ...الموضوع كله احتلال من أكثر من ستين سنة على ايد غزاه مغتصبين في منهم كتير في التاريخ و احنا  فشلنا في انهائه .. و لما فشلنا حولناه لصراع وجود و حضارة و كلام كبير يشد الودن و يقشعر الجسم , و سواء عرفنا نحله أو لا , ده ملوش أي علاقة لا بدين و لا بقيامة تقوم أو متقومش ) 
أردن أن يكملن و يدافعن باستماتة عن رأيهن و لكن دخل الدكتور حاملاً حقيبة جلدية مرتدياً نظارة فاحم العدسات , فأنفض الجمع و تشتت , تماماً كأفكارنا المشتتة التي قد تصل أحياناً إلى حد التشوش . 





Aucun commentaire:

Enregistrer un commentaire