mercredi 7 octobre 2015

ثرثرة

ثرثرة
هو : أهناك أشهى من موسيقى تلتهمها أذنيكِ صباحاً مع كوب ساخن من الشاي في نهار شتوي و شارع خاوٍ لا يسعى فيه سوى سيل أمطار متواصل  ؟

هي : هناك ...

هو : أين ؟

هي : في ليلة ظلماء يائسة , تدمع السماء البكماء طويلاً , تجعلك تنادي بصريخ تصيب به أذنيك بالعمى عن كل ما بديع حولك ... تنظر من نافذة معدنية صماء , فلا تجعلك ترى ما يمكن أن يستحسنه قلبك .

هو : لِم كل هذا الحزن و أنتِ معي ؟ ألم تكتفي من كلماتي التي أذابت قبلك من امتلكن قلباً أشد وطأة من سيوف الغزاة ؟

هي : لقد جاءني الحزن قبلك , أحببته قل أن ألقاك , جاءني منفرداً .. أما أنت فجئت بعدو حبيبي . لا أعشق الفرح .. أخافه .. ربما لم نتقابل من قبل و خلفيتي عنه لا تتعدى بضعة سطور من رواية حب حمقاء .

هو : لكن بهذا أنتِ تسفهين مني ؟ هل تظنيني أتسول منكِ عطف ؟

هي : المتسول يأخذ ممن يملك ما يفيض عن حاجته ...

هو : إذاً هيا فلتنزعي رداء الصمت و ثرثري ... قولي بعض النكات السذاجة و دعيني أضحك 
مجاملةً , هيا قولي قصيدة شعر و أجعليني أظن أنها كُتبت لي .

هي : هل تظن بأن هذا كافيك ؟ 

هو : يكفي و يفيض ...

هي : دعنا نجلس إلى هذا الكرسي الممتد على النهر الهادىء , و نتأمل قليلاً و نقول ما تراءى لكلنا ... هذا مسلي , هكذا اثرثر أنا و حزني قبل مجيئك .

هو : إذا كان من الحب ما يُبغض سيكون حزنك .. هو شيء يغالبني فيغلبني دون شفقة و أنتِ تعينيه بصمتك و مراوغتك لي .

هي : مجاورتي أشد وطأة من تعذيب في درك سفلي في جهنم .. أليس كذلك ؟

هو : أشفق على حالي معك .. و لأنك متاهة كلما سرت للأمام لا ألقى سوى باباً موصداً بأغلال .

هي : النهر يمشي بسكون , دون ضوضاء , يُظلم لتلهف الناس لتنسم ريح البحر العفيّ . هذا النهر شيخٌ حكيمٌ , لا يتحدث كثيراً و لكن إذا تحدث جعل الكل ينصت لفيضان و يتعجب لغضبه .

هو : و البحر ؟

هي : البحر , فتاة شابة , منذ بزوغ الشمس تتألق , ترسو على موانئها سفن قاصدة سكينة الصيف. هي لربان السفينة الأمان , حين يعجز عن الوصول بمدى بصره للبحر عبر موجات تتعالى و تنخفض , فتلك ببساطة تنهدات الشابة . هذه الفتاة تتجدد , تتعرى بكل أناقة بمدها و جزرها , تسعى كل عدسة لألتقاط صورة لها وقت الغروب , حين يغادرها قرص الشمس بأشعته الحارقة . مياهها لا تعرف الركود , الغريق فيها تحمي جسده بملحها و تجعله يطفو فيجد من يدفنه في برها .

هو : لا تتفوهي مجدداً , أني لا أجد مفر منكِ سوى إليك .

هي : هل تظنني باطشة أو ظالمة .. كلا أني أضعف حلقة في سلسلة حياتي ... فلا أريد سوى الفرار .

هو : أنا من يرى النهر ثقيلاً , مبتهج من يركبه , كئيب من يكرهه ...

هي : فقط ؟

هو : الحياة أبسط من تأملاتك هذه يا فتاة .

هي : من أنت لكي تعرف ماهية الحياة ... هل تظن بأنك بامتلاكي ستحوذ على نعمة التأمل ؟ أنها ليس لك يا سيد , فأنت لست جدير بنعمتي .

هو : و الحب ؟

هي : كلمة مستساغة للناس , و لم أعد أجد فيها الصدق .

هو : و الزواج ؟

هي : بك ؟ ما أجبر نفسي على خطيئة في دنيا و الآخرة . ليس لأني أمقتك بل لأنك أضحل من أن أجبر نفسي على حبك .  

هو : أنتِ لي , سأحوذك رغم أنفك .. سأحوذ البحر و النهر و أحوذ كل ما يجعلك تحبيني .

هي : و العقل ؟ كيف سبيلك إليه ؟

هو : الحب هو الطريق لكل ما اشتهي .

هي : الحب عندكم وسيلة .. أنما الحب هو غاية ... سأجعلك تحوذني و ستلقى حتفك على يدي .

هو : كيف ؟

هي : فمن الحب ما قتل ... دعك من هذا ما الذي تقوم به في حياتك ؟

هو : أسترخي و فقط ... أنام طويلاً , أبتعد عن ارتكاب الخطايا و إن ارتكبتها ندمت فنمت .

هي : إذا فأنت ميت ؟

هو : يمكن أن تقولي شبه حي .

هي : عبث كل هذا عبث ... أنت تعبث بي و تتركني هكذا لقناعات مزيفة , لم أكن أعرف أنك هش لتلك الدرجة . هل تدري أن الناس ينظرون إليّ و يظنون أننا نتطابق .

هو : هذا أجمل ما فينا و أحمق ما فيهم يا فتاتي ... أنا أغار عليكِ منهم , أُظهر لهم القبيح فيكِ و البديع أستره بترهات يفتعلها لساني البغيض .. ليكرهوني أنا و أحتفظ بكِ للأبد .

هي : أنت لا تخضع لقواعد المشاعر الانسانية ...

هو : سرب يقوده طائر مغرد خارجه ...

هي : انظر للطفلة و الفتي .. هذا أنا و أنت حين كنا نحبو . تعرقلني ثم تسندني فأقف و اتعمد السقوط مجدداً لألقنك فن الصبر و تلقني فن البزوغ .

هو : بدأت الحديث بابتسامة طامحة للمزيد و أنهيتها بالسكون ... سلاماً عليكِ يا فتاتي .
هي : إلى أن ألقاك ....
ظلت تنظر للنهر بعقل ساكت بعد أن ودعت من في خيالها ..

Aucun commentaire:

Enregistrer un commentaire