مكالمة منتصف الليل !!!
بدأ
الحدث بمكالمة أحدهم في منتصف الليل , رنين الهاتف أيقظني من نومٍ عميقٍ , سمعت
الصوت فلم أتذكر من يحدثني و لكن لهجته جعلتني في لحظة أراه أمام عيناي لوهلة .
ساور زوجي الشك , ما سر المكالمة التي تأتي في منتصف ليل سيدة حسناء متزوجة , لم
ينزوي جمالها بعد ....إنه يعشقني أو هكذا يبدو و لكن سئمت " الروتين "
...سئمت كلماته الرقيقة حتى أني تمنيت أن يوبخني حتى و لمرة .
سمعت
وَقع أقدامه و هي تَحْتَك بالأرضية الخشبية , حتى وضعت يد الهاتف لأنهي المكالمة ,
أحسست به يتقدم أكثر فأكثر و ما إذ التفتُ لأتخذ غرفة نومي مقصداً ....فإذ به
يلقاني في منتصف الردهة التي ينبثق من جدرانها لوحة غاية في الاتفان تنم عن مهارة
رسامها , لوحة تحمل في طياتها منظر بديع لبحر يركبه صائد على زورقه , فنظرت إليه
فبادلني نظرتي بلكمة في غاية العنف , و لم يكتفي فقط بها بل أعد لي مفاجأة بجانبها
, صفعة مشبعة بالرغبة في التلذذ بالعقاب و الغيظ .
كانت
الابتسامة راسخة , مطبوعة على خِلقَته و حينها أمسك برأسي ليدق بها مسمار يحمل
اللوحة , أخذ يدق و يدق حتى فتح باب عقلي و لطخت مياه البحر بالدماء المُراقة
السائرة لتَعلق باللوحة و تطرق على أبواب المنظر الجميل , تطرق لتترك عقلي شارداً
, و قد خيّب أمالي .
بعد أن
انتهى فأرجع رأسي ليضمها بين صدره و شرع يقّبل جبيني الذي يحمل دماء ثائرة , و
اصطحبني لدورة المياه و نزل بعقلي تحت الصنبور ليُلّطف من حِدة الجرح التي أحدثه في روحي . بعد أن آتى بالمنشفة و ناولني إيها , انطلق بجثتي نحو المطبخ و فتح أحد
أدراجه و انهمر علىّ بالبُن حتى استغتث عقلي و نُبح صوته بحثاً عن من ينقذه من تلك الليلة
التي لا يبدو لها نهاية .
لم أبالي
أبداً , و كإنني فقدت حبلي الشوكي المصحوب بخلاياي العصبية , و لكني كنت صابرة
صبراً لم يصبره أيوب نفسه , صبرت على هذا الكائن الغريب الذي راودني الشك في مدى
إخلاصه لي .
و بعد
عملية جراحية أجرها جراح فاشل في تلك الأمسية الدامية , وضعت يداي على كتفه حتى
يساعدني على تخطي الموقف و نرجع لفراش نومنا الذي طالما كان شاهداً على أبهى
أمسيات بين زوجين منذ بدء الخليقة . لم أستطع أن استلقي فأسندت ظهري لمقدمة سريري
و هو كان يمارس دور المُعالج الطبيعي و تركني لأستنشق هواءً طيب الرِيح , حينها
رائحة الدماء الذكية استحالت لرائحة عفِنة , كل شئ قُلِب إلى ضده في مجرد ثوان
معدودة .
زوج مقتُ فيه الإعتياد و تكرار كلمات الحب الشغوفة المصحوبة بصفاء روحه , و في غضون لحظات
تحول إلى جلاد لا يعرف في حياته سوى الجَلد أو الرمي بالرصاص أو الشنف بالحبل
كعقوبة , كلها عقوبات تؤدي في نهاية المطاف إلى الموت !!!
بدأ
التحقيق , و معها سمعنا صوت عقارب الساعة أبواب الواحدة صباحاً , و كان يتقمس دور
ضابط المباحث و هو في منتهى الدقة و الابداع في طرحه للأسئلة حتى كدت أستوقفه
فأصفق له و أهبه جائزة تقديرية ....و شرعت معه ..أنا و جلادي
س: من تظنين الذي يمكن أن يُحِدث سيدة متزوج في وقت متأخر من الليل ؟
س: من تظنين الذي يمكن أن يُحِدث سيدة متزوج في وقت متأخر من الليل ؟
ج:بالتأكيد
, سيكون عشيقها يا حبيبى .
س:إجابة
أولى مثالية .........جاء أول ( ألم ) على وجهي , و تابع .....هل لي أن استكمل
تحقيقي أم تريدين من يطيّب لكِ جرحك ؟
ج:لا
فلتتابع يا حياتي , ما زلنا في أول الطريق .
س:هل
تظنين أن زوج تلك السيدة سيظل مغفل لوقتِ طويل ؟
ج:طبعاً
, سيظل متغافل و ليس مغفلاً .
س:فلتضعين
نفسِك مكاني , ما عساكِ فعله ؟
ج: ما
فعلته أنتَ لتوك .
س:و
العشق في القلوب , هل سيذوب في صفعات ألقاك بها ؟
ج:أنت من
قلتها , العشق في القلوب , بل و في العقول أيضاً و لنكن أشمل فإن معان الإنسانية
جميعها تكمن في أرواحنا و من رحمة بارئها أن الأرواح منطقة مقدسة محظورة لا مساس
بها , و لا سبيل للوصول إليها .
س: في
رأيٍك , لم هي محرمة السبيل ؟
ج:لأن
خالقها يعلم طبيعتنا جيداً , فإذا مسسناها سنتحول حينها إلى ضباع بشرية , لا تعرف
سوى كل معان الشر و إذا ما ظهرت أمامها فريسة الخير , سلت حسامها و انقضت عليها
لتقضي عليها فتسود كل معان اللانسانية ...حربا أو قتل أو خيانة ...كلها تؤول
لهلاكنا .
س:بالنسبة
لمن حولك , كيف سينظرون لتلك السيدة الخائنة ؟
ج:سينظرون
إليها , يا عزيزى , كما ينظرون لنظريتها العفيفة .
س:ذات
النظرة , و لكن كيف ؟ .......كلمة " كيف" أصاحبها قبضة يد تمسك بلجام
اللسان عبر جِلد فكيها و يشرتي ذات اللون الأصفر الباهت , و من ثَم فإنه آتى
بزجاجة مياه و أرجع رأسي بيده اليسرى الممسكة بخصلات شعري البني المائل للإحمرار
بسبب الجرح الذي أحدث ثغرة في مؤخرة تلك الرأس .
س:منذ
متى و أنت فليسوفة يا عشقي ؟
ج:منذ
قديم الأزل , و لكن كلماتك الرقيقة التي باتت رتيبة أخذت في التحلل و فقدان
لمعانيها و نضوب روحك هي من أنسيتك جمال الروح و ليس بهاء الكلمات المنمقة .
س:دائماً
ما تكونين على صواب و لكن هل تعلمين ...و ما هي خطيتكِ في الدُنيا ؟
ج:لا
أعرف لتخبرني أنتَ .
س:أنا
خطيئتك و تلك الخطيئة لا تغتفر أبداً .
ج:حتى لو
أنتِ خطيئتي , فإنني مازلت إنساناً , أنت إختياري و إن لم يُغفر لي فكفاني أن سبب
عِقابي هو من إختياري .
نظر إليّ
, و دموعه تذرف , فاستحالت الروح البغيضة
لروح الرُسل و الأنبياء ...روح الرب الذي وهبنا إيهاها , روح الغفور لا ينتظر من
يغفر له ...روح سجده من عبده يدعو في أسفل سافلين ليستجيب من في أعلى عاليين ,
يدعوه فيحدثه عما تحويه تلك الروح من ندوب عفى عليها الزمن و ما زالت مطبوعة .
هو :
تصبحين على خير و حُب و جمال ...طابعاً قُبلة على مكان الجُرح ممسكاً برابطة الرأس
التي تحاصر مخي .
أنا : هل
تريد أن تعلم من كُنت أُحدث ؟
هو : من
يمتلك تلك الروح , لن يخون أبداً
Aucun commentaire:
Enregistrer un commentaire