حلم منتصف اليوم
حلم و يا له من حلم ، ما
أطعم المذاق الذي ينزلق في حلق من يتضور جوعاً . سأحكي مباشرة و بدون مقدمات حتى
لا تتطاير التفاصيل .. ما أحلاها تفاصيل !
في مكانٍ ما ، لا أدركه له
ماهية . كنت في شارع اعتقد اني مررت به في الحقيقة مرات و مرات و لكن لم يبدو كما
بدى يومها الاشجار تظلل رؤوسنا و تحمينا من شمس او قمر .. حقاً لا اتذكر .
فإذا بي أراها تسير من
بعيد ، لقد مر الكثير و لم اراها .. هل تتخيل حجم الشوق في قلب عبد مثلي ؟ . عبد
ينتظر من مولاته ان تنتبه له في وسط هذا الزحام المفرط من المارة تحت اغصان الشجر
المتدلية .
ترتدي ثواب رياضي ، قالت
لي قبل ذلك أنها تلبسه في البيت لأنه يريحها . و شعرها الناعم المنسدل ليغطي ظهرها
المستقيم و اطالتها الفريدة التي لا تنم إلا أني على حافة جبل من السعادة أو على
مشارف بئر شغف ستملؤه بكلماتها بعد قليل . لم تبتسم لي على غير العادة ، و لكن ما
عساها تبتسم لي و هي غير مرحبة بوجودي .. تسآلت في نفسي " ماذا جاء بها لهنا
و هي الآن أشد الناس كرهاً لي " . صمت و اتجهت نحو لقائها ، و لكن لا اذكر
لنا كلام تحية لقاء و سلام وداع .
قالت لي أنها آتت و ليس
بيدها شئ تقدمه .
_ لم اطلب
منك شيئاً سوى مكوثك هنا .. تواجدك فقط يكفيني . كيف يسير الحال معك ؟
_ لست في
افضل احوالي .. و لكن قد مررت بهذا الشارع و قررت لم لا اراك و اجعل تتحسر على ما
ضيّعت من يدك .
_أني اتحسر
في كل ثانية .. لكنك تبدين جميلة اليوم .
_ هذا ليس
شأنك .
كانت في كبرياء النبلاء ،
و انا في انبهار الاطفال . في عزم قلت لها
هيا بنا من هذا المكان ، فلم تمانع هي و انطلقنا و افسح لنا الناس كلها المجال لكي
نسير . في النهاية وصلنا إلي حيث لا أدري ، على ضفة نيل و أمامنا زوارق في الماء
الراكد . طوال هذا و هي تمتنع عن الكلام يا سيدي .. هل يوجد جحيم اشد من هذا ؟
تملك الجنة و لا يمكن ان تتطأها قدميك .
أخذت في التغزل فيها ، و
هي لا تبالي و تفتعل عدم الاهتمام و عدم الاستماع .. فسألتها إذا اخبريني ماذا جاء
بك إلي هنا ؟
قالت لي : فلان حدثني و
اخبرني ان هذه حادثة عابرة لا يجب ان تأخذي على محمل الجد .. و إن أصابك منه ضيق
او سأم حاولي مرة أخيرة .
نطقت اسم شاب ، لا اتذكره
الآن ، لكن صدقوني لقد احببته جداً لأنه نجح فيما فشلت فيه . الجميع يتأملنا من بعيد
و نحن نتحدث سوياً بهدوء ، و ملائكة الكون تحاصرنا برحمتها لتتعبد لسيدتها .
عيونها ... و آه من عيناك ايتها الفتاة ، تلك العينين اللتين تطرح قلبي قتيلاً .
بدأت تتبسم مرة فالأخرى . حتى اني سألتها : هل ما زلت تكرهيني ؟
_ لا .. ثم
سكتت .
حينها كانت تقول في سرها (
اكرهك كيف ايها الغبي و انا القادمة إليك ) ..
اخرجت الكاميرا من حقيبتها و التقطنا افضل صورة
على ضفاف النيل بعد ان طلبت مني ان نجعل هذه اللحظة ذكرى حتى ما إذا بعدنا عدنا
سريعاً .... و صحوت ( اسوء افاقة في الدنيا ) .. لم اكذب حين عشقت الاحلام يا حمزة .
Aucun commentaire:
Enregistrer un commentaire